يناقش الباحث آرون ديفيد ميلر، الزميل البارز في برنامج السياسة الأمريكية بمؤسسة كارنيجي، العقبات التي تعترض تنفيذ خطة السلام المكونة من عشرين بندًا بين إسرائيل وحركة حماس، رغم إعلان الطرفين اتفاقًا على وقف إطلاق النار يتضمن تبادل الأسرى والمحتجزين. يرى ميلر أن الخطة، التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصيًا، تثير أسئلة أكثر مما تقدم حلولًا، في ظل التناقضات العميقة بين أهداف إسرائيل وحماس.

تشير مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إلى أن النقاش حول تنفيذ الخطة كشف عن هشاشة التفاهمات بين الأطراف. يربط الخبير الإسرائيلي ناتان ساكس سلوك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو برغبته في البقاء في السلطة مهما كان الثمن، معتبرًا أن طول بقائه في الحكم جعله يرى نفسه "البديل الوحيد الممكن"، وهو ما شوّه قراراته السياسية والعسكرية. ويرى ساكس أن نتنياهو، الذي واجه انهيارًا في سمعته عقب هجوم 7 أكتوبر، يحاول استعادة مكانته عبر استعراض القوة ضد حزب الله وإيران وحماس، رغم إدراكه أن هذه الحرب أضعفت إسرائيل أكثر مما عززتها.

في المقابل، يوضح الباحث الفلسطيني خليل الشقاقي أن هيكل صنع القرار في حماس أصبح أكثر تعقيدًا بعد اغتيال زعيمها يحيى السنوار. يتولى الآن خالد الحية، بصفته قائد الحركة في غزة والمفاوض الرئيسي، تنسيق القرارات بين مجلس الشورى وقيادات ميدانية داخل القطاع، بينما تتدخل أطراف إقليمية مثل إيران وقطر وتركيا، ما يجعل قرارات الحركة نتاجًا لتوازنات متناقضة. ويضيف الشقاقي أن حماس تعتبر الرهائن "ورقة بقاء" لا يمكن التفريط فيها قبل ضمان أمنها السياسي، معتبرًا أن الصراع انتقل من "حلم الدولة المصغّرة" إلى "صراع على الوجود".

يتطرق الحوار إلى دور القوى الإقليمية، حيث يحاول الوسطاء العرب والأتراك إقناع حماس بالإفراج عن الرهائن مقابل وقف الحرب وضمانات من ترامب. غير أن ساكس يرى أن الطرفين — نتنياهو وحماس — قدّما الموافقة على الخطة بطريقة "نعم، ولكن": أي قبول مشروط يفرغها من مضمونها. فإسرائيل وافقت رسميًا لكنها ترفض الانسحاب الكامل من غزة أو تسليم السيطرة لجهة دولية، بينما رحّبت حماس بالخطة لكنها طالبت بإدارة فلسطينية خالصة لها حق النقض، ما يجعل تنفيذ البنود الجوهرية، مثل نزع السلاح والإشراف الدولي، شبه مستحيل.

ويصف ساكس هذه الحالة بأنها عكس "الغموض البنّاء" الذي ميّز دبلوماسية الشرق الأوسط سابقًا، حيث تُكتب النصوص لتُفهم بطرق مختلفة. أما الآن، فخطة ترامب واضحة ومحددة أكثر من اللازم، ما جعل كل طرف يستخدمها لتبرير مواقفه المتناقضة. ويضيف أن فكرة إنشاء "حكومة تكنوقراطية فلسطينية" قد تكون الحل المؤقت الأقل سوءًا، لأنها تتيح بدء إعادة الإعمار وتهدئة الجبهات، حتى وإن ظلت قضايا السلاح والسيادة عالقة.

أما ميلر، فيرى أن الضغوط التي يمارسها ترامب على نتنياهو غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي، إذ لم يُعرف عن أي رئيس أمريكي سابق أنه أجبر رئيس وزراء إسرائيلي على القبول بخطة سلام. ويعتبر أن ترامب يتصرف بلا قيود سياسية أو عاطفية، بعكس سابقيه مثل بيل كلينتون أو جو بايدن، وهو ما يجعل تدخله جريئًا لكنه محفوف بالمخاطر.

الشقاقي يصف خطة ترامب بأنها "مبهرة على الورق" لكنها "عاجزة عن إنتاج سلام مستدام". فغياب شريك فلسطيني شرعي خارج حماس يجعلها خطة ناقصة منذ البداية، إذ لا يمكن فرض سلطة تكنوقراطية لا تحظى بقبول شعبي أو تفاوضي. كما يشير إلى أن وجود أربع قوى أمنية في غزة — قوات حماس والشرطة الفلسطينية والقوة الدولية والجيش الإسرائيلي — وصفة مؤكدة للفوضى، لأن أي احتكاك بينها سيعيد إشعال القتال.

ويضيف أن فكرة "مجلس السلام" الذي يقوده ترامب وتخضع له اللجنة الفلسطينية وقوة الاستقرار تضع الولايات المتحدة في موقع الوصي، ما يثير رفضًا شعبيًا واسعًا. فالفلسطينيون، بحسب الشقاقي، لا يرون فارقًا حقيقيًا بين ترامب ونتنياهو، وبالتالي لا يثقون في نوايا الخطة. وحتى لو وافقت حماس مبدئيًا، فإن تراجعها عن التنفيذ سيضع الدول المشاركة أمام خيار مستحيل: إما قتال حماس أو الانسحاب من الخطة بالكامل.

يخلص ميلر إلى أن ما يسمى بخطة السلام يواجه معضلة جوهرية: لا يمكن تحقيقها بالكامل، ولا يمكن رفضها تمامًا. فكل طرف يقول "نعم، ولكن" ليكسب الوقت ويحافظ على موقعه. وبينما يسعى ترامب لفرض إرادته على المنطقة كعرّاب سلام جديد، تظل الوقائع على الأرض — من الانقسام الفلسطيني إلى عناد نتنياهو — أقوى من أي خطة، مهما بدت أنيقة في البيانات الرسمية.
 

https://carnegieendowment.org/emissary/2025/10/gaza-peace-plan-implementation?lang=en